نقضي كثير من الوقت في البحث عن معلومات ومعطيات تعزز اتخاذنا لأي قرار. وهذا بالضبط ماذكره (جي سي ار ليكليدر J. C. R. Licklider ) في ورقة علمية نشرها عام 1960، بعنوان (التعايش بين الكمبيوتر والانسان Man-Computer Symbiosis). يقول في ورقته أنه يقضي حوالي 85% من وقته في ايجاد معلومات في حين أن المفترض أنه يقضي هذا الوقت في فهمها.
وفي الحقيقة أنني أتوقع أن هذه النسبة صحيحة عام 1960، ولكن اليوم نحن نصل للمعلومات في وقت أسرع بكثير. ففي الستينات كان البحث معلومة مفيدة في اتخاذ أي قرار مقتصرا على الكتب والمجلات العلمية وغيرها من مصادر المعرفة التي تتطلب البحث بين أكوام الورق وأحيانا السفر أو الاتصال على مختصين في المجال المراد البحث فيه. ومع أننا اليوم أصبحنا نصل للمعلومة بشكل أسرع بكثير حيث أن المعلومة على بعد ضغطة زر واحدة، إلا أن الكم المعرفي الهائل الذي نصل له بسرعة عالية يجعلنا نحتار من أين نبدأ وكيف نبحث وبمن نثق. أصبحنا نقضى وقتاً طويلا في التدقيق والتنقل بين المصادر المعرفية والتشعب بينها بمجرد وجود رابط ينقلنا لمكان آخر. كم مرة بحثنا في قووقل وجاءتنا النتيجة بعشرات الصفحات وآلاف المصادر. كم منا من يبحث في الصفحة الثانية من نتائج البحث التي يعود بها الشيخ قووقل. أنا شخصيا لا أتذكر أنني فتحت الصفحة الثانية في السنوات الثلاث الماضية على الأقل.
عندما تكون تبحث عن معلومة معرفية لايترتب عليها قرار فقد يكون الأمر سهلا. لكن المشكلة تكمن عندما تبحث عن معلومة لتدعم قرارك الذي ستتخذه. مثلا لو كنت طبيبا وتبحث عن مشلكة لدى مريض وتريد أن تدعم قرارك الحاسم في علاج هذا المريض. بكل تأكيد أن الموضوع سيكون أكثر جدية. فمحرك قووقل والمواقع الطبية والمجلات العلمية وقواعد المعرفة ومدونات المستشفيات العالمية ومراكز الأبحاث تزخر بإجابات كثيرة قد تزيد حيرتك لو اطلعت عليها كلها.
وعليه فكم المعلومات الهائل الذي بين أيدينا اليوم يجعلنا في حاجة لوجود طريقة فعالة لتحديد المعلومات التي ستساعدنا في اتخاذ القرار الأمثل. يقول (هيربرت سايمون Herbert A. Simon – عالم الذكاء الاصطناعي وأول من أطلق مصطلح الذكاء الإصطناعي على هذا العلم) أن الإنسان يستطيع أن يتخذ القرار الأمثل عندما يكون لديه (1)معلومات محددة (2)وذات علاقة مباشرة بالمشكلة ولديه (3)وقت كافي لاتخاذ القرار. وسمى هذه الفكرة بـ (العقلانية المحددة Bounded Rationality).
اليوم لدينا كما قلنا سابقاً كم معلومات هائل، وهذا يكسر الشرط الأول من شروط اتخاذ القرار الأمثل (معلومات محددة). وكذلك فإن كم المعلومات منها الغث والسمين ومنها ماله علاقة مباشرة وأكثرها ليست بذات علاقة وكذلك مستوى الوثوق في البيانات منخفظ لأن المشاركة في الانترنت متاحة للكل، وهذا يكسر الشرط الثاني لاتخاذ القرار الأمثل (ذات علاقة مباشرة بالمشكلة). كما أن البحث في كم المعلومات الهائل وتنقيح هذه المعلومات يحتاج وقت طويل وهذا يكسر الشرط الثالث لاتخاذ القرار الأمثل (الوقت الكافي).
وهنا تأتي الأهمية القصوى لتبني تقنيات الذكاء الاصطناعي. الذكاء الاصطناعي قادر على اعطاءك المعلومات المحددة وذات العلاقة المباشرة وتلخيصها لك ومساعدتك في اتخاذ القرار والبحث في هذا الكم الهائل من البيانات في وقت وجيز مقارنة بما يستطيعه الانسان.
حسب قوقل فان معظم المستخدمين عادة ما يغييرون مصطلح البحث بعد فتح الرابط الرابع او الخامس تقريبا.
وهنا تعمل خوارزميات ال ranking علي ترتيب نتائج البحث بناء علي معايير محددة قد تساعد الباحث في اتخاذ القرار المناسب.
اضافة الى ان المشكلة الكبرى التي تعمل محركات البحث علي حلها هي عرض الملفات ذات العلاقة بمصطلح البحث best relevant بينما تحاول ان تخفي ملايين الملفات المورشفة التي تعتبرها محركات البحث غير مرتبطة بمصطلح البحث والتي بدورها قد تعوق الشرط الثاني والثالث التي اقترحها هيربرت سايمون.