اللارمزيون كما بينا في المدونة السابقة ينقسمون لأربعة أقسام، ويتفقون كلهم في استخدام البيانات للتعلم وإن كانت بدرجات مختلفة:
٢- الإفتراضيون Bayesians
هم أقلهم اعتمادا على البيانات لأنهم يعتمدون على (نظرية الافتراضات Bayse Theorem) والتي تعتمد على المعرفة المسبقة بالحقائق prior knowledge. ولشرح معناها بدقة يجب الابتعاد قليلا وأخذ صورة أشمل عن الموضوع.
جزء مهم من الذكاء بشكل عام هو (تمييز الأنماط Pattern Recognition) أي تمييز عناصر البيانات، فمثلا عندما تنظر للطريق، فإنك تستطيع أن تميز العناصر المكونة للصورة، كالسيارة والشارع والشخص الواقف بجانب الطريق… الخ. وهذا فعلا يعد جزءً مهماً من الذكاء. فبدون قدرتك على تحليل عناصر الصورة فلن تستطيع تمييزها ولن تستطيع التنبؤ أو اتخاذ القرار. فلو كنت تقف بجانب الطريق وتستعد لعبور الطريق فإنه يجب أن تستطيع أن تميز السيارات القادمة أولا قبل التنبؤ بسرعتها واتجاهها وقبل اتخاذ القرار بالعبور أو الانتظار. ولكن هذا العلم قائم على مبدأ مهم وهو مبدأ (عدم التيقن uncertainty). وعدم التيقن سببه إما (التشوش noise) كأن تكون الصورة غير واضحة أو عناصرها بعيدة أو لضعف أدوات الإبصار أو غيره. والسبب الآخر لعدم التيقن هو قلة البيانات الموجودة لديك حال اتخاذ القرار. وعليه فإن الحقائق السابقة لديك تكون عاملا مهما في اتخاذ القرار، وهذا يعتبر من وجهة نظري أحد أعلى درجات الذكاء البشري.
وحسب مثالنا السابق فإن التشوش في الصورة قد يكون ضعف في البصر أو وجود ضباب أو خلافه. لكن عندما تقف بجانب طريق المشاة في الشارع تعرف مسبقا بخبرتك السابقة أن السيارات تقف قبله فإن هذه المعرفة تساعدك في اتخاذ القرار بالعبور.
بالمختصر هذه هي Bayes Theorem. وبكل تأكيد فإن شح البيانات في بدايات الثمانينات كانت أحد أهم أسباب ظهور هذا القسم بشكل ملفت وتحقيقه نتائج دقة عالية مقارنة بالرمزيين في ذلك الوقت.
هذا القسم له علماؤه وباحثوه وهم كُثُر، لكن يصعب أن نقول أن هناك عالم كان له تأثير كبير في هذا المجال لأن bayes theorem نظرية إحصائية قديمة تعود للقرن الثامن عشر ميلادي. وكان استخدامها في علم الذكاء الاصطناعي مجرد تطبيق أدوات موجودة مسبقا.