أما هذه فتعبت في ترجمتها فعلا.. لكن لعلي أجد في تعليقاتكم ترجمة أفضل لهذه الكلمة Connectionists والتي أحاول ان أبين المعنى منها في هذا المقال.
٣- الإرتباطيون Connectionists
هم القسم الثالث من المشارب المختلفة التي انقسم إليها الذكاء الاصطناعي. ولعلها تجمع قليلا بين القسمين السابقين. فعلماء هذا القسم رأوا أن يحاكوا الذكاء البشري ومحاكاتهم العقل على مستوى (الخلية العصبية Neuron) وترابطاتها، وليس على مستوى الهيكل أو البنية كما فعل الرمزيون. واستفادوا من اللارمزيين باستخدامهم البيانات للتعلم وبناء (نموذج التعلم Learning Model).
العقل البشري يحوي في المعدل مايقارب مئة مليار خلية عصبية. وكل خلية متصلة بخلايا أخرى بما يسمى (التشابك العصبي synapses) وهناك أكثر من كوادرليون (= ألف مليار) تشابك عصبي في العقل البشري. ويعتقد كثير من العلماء أن هذه التشابكات هي مصدر الذكاء. وقد يختلف بعض العلماء في هذه الناحية في مصدر الذكاء وسبب الاختلاف هو عدم وجود نظرية للعقل البشري والذكاء البشري شاملة إلى اليوم كما أشرنا لهذا في مدونة سابقة (بين عقل الانسان وعقل الآلة). وسنتطرق لبعض المحاولات في نظريات العقل البشري والذكاء في مدونات قادمة بإذن الله.
المهم، هل تتصور هذا الكم الكبير من الترابط بين الخلايا العصبية؟! تبدو معقدة بشكل كبير. يقول (كريستوف كوخ Christof Koch) كبير علماء معهد ألن لعلوم العقل، أن العقل “أعقد شئ فيما نعرف من الكون”. طبعا مايثير السخرية حسب نظري هو اختلاف نظرة علماء الذكاء الاصطناعي و(علماء المخ والأعصاب Neuroscientists)حول الدماغ. فالفريق الأول يرون أن العقل غير معقد أبداً كما يتصوره علماء المخ والأعصاب. ولقد لاحظت أن كثيرا من الكتابات حول هذه الجدلية واضحة في السنوات الأخيرة [ولعلنا نتطرق مستقبلا لكتابات علماء مثل (جيف هوكنز Jeff Hawkins) و (ري كورزويل Ray Kurzweil) و (ستيفن ويلفرام Stephen Wolfram)]. ومن وجهة نظري أن علماء الذكاء الاصطناعي يحاولون أن يبسطوا الأمر ليكون هناك نوع من التفاؤل بإيجاد نموذج آلي يحاكي ذكاء العقل البشري. أو قد يكون سبب هذا الرأي هو نجاح بعض الأدوات البسيطة في إيجاد نتائج أكثر تعقيداً مما دعاهم لهذه الرؤية المتفائلة عن مدى بساطة تركيب العقل. وسأتحدث مستقبلا بإذن الله عن هذا الأمر بتفصيل أكبر.
دعونا نعود للخلية العصبية، فإن الومضة من الموجات Brainwaves وهي عبارة عن (ومضات كهربائية electrical impulses) تنتقل بين الخلايا العصبية وتعبر من خلية لخلية بطريقة مازلنا عاجزين عن تفسيرها وربطها بالذكاء. لم يستطع العلماء إلى الآن تحديد النمط الذي تنتقل فيه هذه الموجات حتى نتمكن من محاكاتها. لكن ولأن التقنية لاتنتظر أحداً فبدأ كثير من علماء الذكاء الاصطناعي يحاولون تفسيرها ومحاكاتها ومن هنا ظهر لنا استخدام (الشبكات العصبية Neural Networks) وسنرمز لها اختصاراً NN.
بدأت NN في بدايات أربعينيات القرن الماضي، (نعم 1940..) وكانت على يد (وارن ماكوله Warren McCulloch) و (والتر بتس Walter Pitts) في بحث لهم عام 1943 حول كيف تعمل الخلايا العصبية على حل مشاكل رياضية. وفي هذه الورقة تم عمل أول نموذج رياضي لـ NN.
- ملاحظة: قصة حياة والتر بتس غريبة جدا.. وتنفع تمثل في فيلم، ولا أعرف هل سبق تمثيله أم لا. أما صاحبه العبقري وارن ماكوله فتعريفه يحتاج لمدونات كثيرة.. لعله يكون مستقبلا باذن الله.
المهم، ومع هذه البداية الجميلة، إلا أنها لم تطبق على مشكلة حقيقية real-world problem إلا عام 1959، على يد باحثين من (جامعة ستانفورد Stanford University) وهم ( برنارد ودرو Bernard Widrow ) و (مارشن هوف Marcian Hoff).
- ملاحظة ثانية: لم يكن الهدف منها الذكاء في ذلك الوقت.. وإن استخدمت في عمليات ذكية.
طبعا بعد النجاح الكبير الذي حققته الشبكات العصبية NN في هذا الوقت المبكر، جعل الكثير يبالغ فيما يمكن أن تصل له مما زاد التوقعات وزادت معها المخاوف من سيطرة الآلة الذكية على الإنسان. خاصة فيما كانت تنشره بعض الجهات في السبعينات خاصة مجلة Asimov’s. هذا حد كثيراً من دعم الباحثين من الارتباطيين Connectionists. واستمر هذا حتى أنقذ العالم الفيزيائي الشهير (جون هوبفيلد John Hopfield) المختصين في هذا المجال باقناعه (أكاديمية العلوم الوطنية National Academy of Science) بعرض جذاب حول مدى إمكانية الشبكات العصبية NN وأنها ليست لمجرد محاكاة العقل بل أبعد من ذلك بكثير.
طبعا كان جون هوبفيلد مخترع نوع ذو إمكانيات رائعة من NN والتي تعرف بـ( الشبكات العصبية الترابطية Associative Neural Networks).
مازال أمامنا الكثير لنتحدث عنه في هذا القسم من الذكاء الاصطناعي في المدونات القادمة بإذن الله.
أولا: أحب أن اشكرك د. سالم على هذه المدونة التي استمتعت بقراءتها كاملةً.
و أتمنى أن تستمر في طرح المزيد.
ثانيا: اعتقد أن مصطلح الترابطيون قد يكون أنسب، حيث أن كلمة الارتباط تشير إلى ال correlation أكثر منها لل connection.
أشكرك أخي عبدالله وسآخذ هذا في عين الإعتبار بإذن الله..