لو تساءلنا ياترى من يكون أكثر علماء الحاسب تأثيراً في هذا العلم الحيوي، لاختلف المتخصصون في الإجابة، لكنهم لن يختلفوا بأن العالم البريطاني ألن تورن Alan Turing الذي ولد عام ١٩١٢م كان من بين أكثر هؤلاء العلماء أثراً. كيف لا وباسمه إلى اليوم الجائزة التي تعتبر جائزة نوبل في علوم الحاسب “جائزة تورن Turing Award”.
يعتبر تورن على قصر عمره، حيث مات منتحرا في مطلع الأربعينات من عمره (عام ١٩٥٤)، الأب الروحي لعلم الحاسب وعلم الذكاء الإصطناعي بشكل خاص.
كان تورن في طفولته يعتبر عبقري استثنائي في الرياضيات Ultra-mega-super Math Genius ، حيث كان يستطيع حل مسائل متقدمة من الرياضيات في عقله في ثواني معدودة، بينما كان أستاذه يستغرق حصة كاملة لحل هذه المسائل.
هذه العبقرية التي امتلكها تورن ساعدته في تصور عقل آلي يستطيع حل جميع المسائل والمشاكل ويفكر كالإنسان تماماً. لقد تصور تورن في العشرين من العمر جهازا حاسوبياً معقداً، حتى قبل أن يكون هناك مايسمى بالحاسوب. إن تصور ألن تورن هذا كان كافيا لأن نصل الى مانحن عليه اليوم، بل والأدهى من ذلك أننا لم نزل إلى اليوم غير قادرين على أن نصنع الجهاز الذكي الذي كان يتصوره تورن كاملا.
تَصوّر الدكتور ألن تورن هذا قاده لتصميم أول جهاز حاسوب مبرمج Stored-Program Computer والذي اطلق عليه Automatic Computing Engine ACE وذلك عام 1946م.
لكن يبقى الإنجاز الكبير الذي حققه ألن تورن في الحرب العالمية الثانية لبلاده، بريطانيا، المتمثل في فك شيفرة آلة التشفير الألمانية المسماة “إنيقما Enigma” من أعظم الإنجازات التي قدمها لبلاده. بل إنه يعتبر الشخص صاحب الفضل الأكبر في حفظ أرواح البريطانيين أمام الآلة الحربية الألمانية وذلك باختراعه آلة بومب Bombe التي كانت تستطيع فك الشيفرة كل صباح في عشرين دقيقة تقريبا، مع العلم أن إنيقما كانت تغير طريقة تشفيرها كل صباح.
عمل ألن تورن الوطني لم يكن شافعاً له لأن يعيش بحياته الشخصية بعيدا عن القبضة القضائية التي عاقبته على بعض سلوكياته الشاذة، فمات بعدها منتحرا في بيته عام ١٩٥٤م. لكن الحكومة البريطانية على لسان رئيس وزراءها جوردن براون اعتذرت لألن تورن عام 2009م -أي بعد حوالي 55 عام على انتحاره- على معاملتهم “اللا إنسانية” له على حد وصف براون.
من أشهر إنجازات ألن تورن الالة التي سميت باسمه (آلة تورن Turing Machine) والتي قد نتحدث عنها لاحقا في هذه المدونة بإذن الله.
لكن في علم الذكاء الاصطناعي كان له إسهام كبير جدا في وضع أول تصور للآلة الذكية في ورقته العلمية التي نشرها عام 1950 والتي عنونها ب (لعبة التقليد The Imitation Game) والتي عرفت فيما بعد ب (إختبار تورن Turing Test)
في المدونة القادمة باذن الله سأتحدث عنها بتفصيل أكبر
نهاية Alan Turing شبيهه بنهاية الشاب الفذ Aaron swartz منتحراً بسبب المضايقات القضائية.