تعكف كثير من مراكز البحث والشركات الكبيرة والدول العظمى، على أبحاث الذكاء الإصطناعي وذلك إما للهيمنة الإقتصادية أو العسكرية، وربما كليهما. شركات التقنية الكبيرة ستكون مستقبلا هي اللاعب الرئيس والمؤثر على السياسات العالمية كما تفعل شركات الدواء والغذاء هذه الأيام.
يوجد كثير من مجالات البحث في الذكاء الإصطناعي هذه الأيام. لكن لعل من المجالات التي بدأت تجذب الانتباه بشكل كبير هي ربط العقل البشري بالآلة بما يسمى، الوسيط بين العقل والآلة Brain-Machine Interface. والهدف من هذا الوسيط هو أن يكون هناك وسيلة لنقل البيانات من العقل إلى الآلة والعكس. تصور معي أنك تستطيع أن تحمل موسوعة وكيبيديا إلى دماغك وتحفظها. أو أن تحفظ القرآن مثلاً، بضغطة زر. أو أن يكون هناك متجر خاص بالتطبيقات والبيانات التي يمكن أن تحملها لعقلك ولاتحتاج معها إلا أن يكون في دماغك مساحة كافية للتخزين. إنني أتخيل كثير من الناس وهم يعرفون المساحة الحقيقية للتخزين في عقولهم! أعرف كثيرين سيحتاجون لذاكرة خارجية لأنهم لن يجدوا في عقولهم المساحة الكفاية لحفظ جزء عم، لكن لحسن حظهم أنهم لن يعيشوا لذلك اليوم!! #دعابة_ياشيخ..
كيف سيكون التعليم وأنت تنسخ مناهج التعليم التي تختارها لأبناءك إلى عقولهم بسرعة عالية؟ وكيف سيكون التواصل الاجتماعي وأنت تصحى في الصباح الباكر لتجد أن دماغك يخبرك بتغريدات بالالاف وأخبارك كثيرة حصلت وأنت نائم؟ كيف سيكون التواصل بين البشر وأنت تنتبه فجأة على صوت أمك وهي تصبح عليك بالخير بدون أي وسيلة تواصل إلا هذا الوسيط الذي لديكما ويغنيكم عن التواصل الهاتفي وعن الواتساب.. ؟ في الحقيقة أن الموضوع يطول هنا عن الحديث عن هذا النوع من الوسائط وتأثيراته الثقافية والمعرفية على الجنس البشري. لكن لن أسهب فيه أكثر.
هذا من جهة نقل المعلومات من الآلة إلى العقل.. لكن الأبحاث أيضاً تحاول البحث عن طريقة لنقل المعلومات من العقل إلى الآلة، وهذه في نظري أسهل وتطبيقاتها متقدمة أكثر من الصنف الأول. فبعض الأبحاث الآن توصلت لقراءة بعض الصور من عقل الانسان ولو كانت الدقة ضعيفة. تصور أننا نستطيع أن نتعرف على ماذا يجري في عقول المرضى، أو الفاقدين للوعي، أو المصابين بالتوحد، أو الأطفال، بل التعرف على مايفكر فيه الحيوانات وغيرها من المخلوقات التي تشاركنا الحياة على هذا الكوكب.
إن الاستخدامات لامحدودة لمثل هذا النوع من الوسائط.. والبحث فيها يجري في كبريات الشركات والجامعات على قدم وساق. بل ان البعض قد أسس فيها شركات خاصة لمثل هذه المنتجات. فقد أسس إلون مسك شركة NeuraLink للربط بين عقل الإنسان والكمبيوتر. وكذلك الدكتورة لانا عوض السورية الأصل والاستاذة في هارفارد، والتي تعمل على ربط العقل بالالة كذلك. كما وتشير التوقعات إلى أن هذا النوع من المنتجات ستصل قيمته السوقية إلى عشرين مليار دولار بحلول عام 2027.