إن أي نظام ذكاء اصطناعي لابد أن يأخذ في عين الاعتبار عند تصميمه عدة اعتبارات. أول هذه الاعتبارات هي الخبرة ومجموعة المعارف التي تتشكل في (المجال Domain) الذي يراد تطبيق الذكاء عليه. ومن ثم بيئة هذا المجال سواء كانت بيئة حقيقية أو افتراضية. أخيراً لابد أن لاننسى المستفيد الذي سيتعامل مع هذا النظام.
ففي مجال التعليم لابد أن نحرص على أن نأخذ ركائز التعليم المهمة عند تصميم نظام تعليمي ذكي. ثلاثة عناصر مهمة في مجال التعليم تشكل حلقة التعليم التي تتكامل مع بعضها لتحدد مستوى التعليم. هذه الركائز الثلاث هي: (١) النموذج التربوي ونعني به هنا المعلم pedagogical model. و (٢) نموذج المتعلم Learner Model. و (٣) نموذج المجال ونعني به هنا البيئة والمنهج Domain Model.
لابد أن لانغفل هذه النماذج الثلاث عند بناء نظام ذكي. فلابد أن نعرف طريقة التعامل الأمثل بين المعلم والطالب، وكيف تتم في سياق بيئة العمل والمنهج الذي يراد تعليمه.
في الحقيقة هي أننا لانريد أن نستبدل المعلم بنظام ذكي. بل الهدف هو أن نصل بالتعليم لشريحة أكبر وبطريقة مثلى وأن تقوم الآلة بعمل الأعمال التي لايستطيع المعلم أن يقوم بها عادة أو تستهلك الجهد الكبير من المعلم أو أنها تحتاج لعدد كبير من المعلمين. فمثلا: لايزال التعليم الخاص Tutoring هو النموذج الأفضل في إيصال المعلومة لكل طالب على حدة منذ أن كان الفيلسوف اليوناني أرسطو يدرس الإسكندر الأكبر. لكن عدد المعلمين في العالم غير كافٍ لتلبية احتياجات الطلاب كلهم. ولذلك تقوم الأسرة بدور كبير في ذلك (أتحدث عن بعض الأسر التي تهتم بأبنائها). لكن المعرفة التي لدى الأسرة غالباً لاتكون مناسبة لتعليم الطالب بالطريقة التربوية والمنهجية التي يرغب بها المعلم. ولذلك فإن وجود نظام ذكي يقوم بتعليم الطالب بطريقة تفاعلية وتربوية ويستطيع أن يقيس مدى تمكن الطالب من كل معلومة بشكل دقيق وكذلك مقارنة الطالب بزملائه وتغطية المنهج كاملا بطريقة ذكية… الخ، هي من المهام التي يسعى علماء الذكاء الاصطناعي مع التربويين لعملها والتي ستسهم في تشكيل مستقبل التعليم.
تركز الأنظمة الذكية التي يتم تطويرها على تحويل الطالب من متعلم متلقي إلى متعلم متفاعل مع المعلم. كما أنها تهتم بجعل نظام التعليم نظام مرن ليتم تعليم كل طالب بطريقته وحسب حالته النفسية والمعرفية Personalized Learning.
كما أنها أيضا تعمل على العمل لجعل الطالب يشعر بالمحتوى Feeling the content التعليمي وليس مجرد أن يتعلم المحتوى فقط Learning the content. فمثلاً: هناك أماكن لايستطيع الطالب الوصول لها عند التعليم، كالفضاء الخارجي، أو حتى كتاريخ قديم مثلا، كتاريخ الإمبراطورية الإغريقية. ولذلك هناك عمل على مشاريع تدمج استخدامات الواقع الافتراضي Virtual Reality والواقع المعزز Augmented Reality والألعاب الإلكترونية بالذكاء الاصطناعي.