نكمل ما بدأناه عن التفرد التقني أو Technological Singularity
كثيرون ينظرون لهذا العصر القادم بأنه سيكون عصر القضاء على الإنسان. إنهم لايرون الذكاء الاصطناعي كعنصر امتداد طبيعي لتطور التقنية وابداع الانسان. بل يرونه عدوا لهم. لا أدعي أن نظرتهم خاطئة كلياً، ولكني لا أتفق معها. دعونا نرى مدى تفوق الآلة على الإنسان ومن ثم نرى مدى التهديد علينا كبشر:
- الآلة تتفوق على الإنسان في كم البيانات التي يمكن أن تخزنها. فيمكنك أن تقارن بين المعلومات التي تعرفها وبين تلك التي يعرفها العم قوقل مثلا.
- سرعة التعلم، يمكن في حال وصول الآلة لمستوى جيد من المتعلم أن يتعلم أسرع من أسرع إنسان.
- طريقة تمثيل البيانات بين عقولنا وأجهزة التخزين الآلية. فمثلا، الصورة المحفوظة في عقلك لصديقك ليست محفوظة بدقة عالية كما هي في الطبيعة. ولكن في الكمبيوتر تحفظ كما هي حقيقة أو على الأقل بدقة أعلى بكثير مما هي عليه في عقولنا كبشر. وهذا جزء مهم من نظرية أسعى لبلورتها عن العقل وسأطرح أجزاء منها في هذه المدونة بإذن الله. ولمن يريد الإطلاع أكثر على هذه الخاصية المهمة فهي تسمى علميا (التمثيل الثابت Invariant Representation).
- الآلة تتفوق علينا أيضا في سرعة استرجاع المعلومة التي حفظتها.
- الآلة تتميز كذلك بأن الجيل الثاني منها يستطيع أن يكسب الخبرات والمهارات التي كسبتها الأجيال السابقة وبسهولة. بينما الإنسان مازال كل جيل يتعلم من أخطائه فقط إلا من رحم الله.
- الآلة تتقيد بالأنظمة والتعليمات بكفاءة أكثر من الإنسان، فاحتمال الخطأ لديها ضئيل جدا مقارنة بالانسان. فلو وضعنا تحدي بين أمهر لاعب كرة تنس وبين روبوت لديه مهارات لعب كرة التنس فإن الروبوت سيكون أسرع وأكثر دقة ويصعب جدا أن يرتكب الأخطاء كما يرتكبها الإنسان.
- الآلة إذا تعلمت مهارة فإنها قادرة على تكرارها ملايين المرات دون خطأ وبنفس الطريقة، أما الإنسان في تعلم المهارة لايكفي لأن يكررها بدون خطأ.
لكن في المقابل الإنسان اليوم يتميز عن الآلة بالتالي:
- مهارة التعلم لدى الإنسان في هذه المرحلة متفوقة على الآلة.
- مهارة التمييز والإستنتاج والإبتكار مازال الإنسان فيها متقدما.
- الفن والإبداع الإنساني مازلنا نتفوق على الآلة.
- مازال الإنسان هو المسيطر على قوانين كوكب الأرض ووضع الأنظمة واللوائح والتشريعات، وتنفيذها. وعليه فالأمة اليوم في حكم المُستعبد لدى الإنسان.
المهم هنا أن الإنسان يسعى اليوم ليعطي هذه المهارات التي يمتلكها للآلة، وإذا نجح سعي الإنسان لذلك الهدف فإننا سنصل لعصر التفرد التقني Technological Singularity.. وإذا نجح في ذلك فيبقى لدى الإنسان السلطة والقوة لكتابة القوانين، والسيطرة بالتشريعات على الأرض. لكن الخوف لدى البعض هو أن تنتزع الآلة هذه السيطرة من البشر لتحكمهم وربما لتقضي عليهم.
في المدونة القادمة سأكتب بإذن الله عن التقنيات الحالية التي ستكون سببا في تسارع وصولنا لعصر التفرد التقني بإذن الله.