في اعتقادي أن أعظم فائدة يقدمها الذكاء الاصطناعي للبشرية هي في القطاع الصحي. ويكمن تميز الذكاء الاصطناعي عن البشر بعدة أوجه. أهمها أنه قادر على تحليل ملايين المعلومات والملفات والتمييز بينها واظهار المتشابه منها والمختلف والطبيعي وغير الطبعي في وقت وجيز آخذاً بعين الاعتبار كل المعايير المهمة في المقارنة بدون اغفال لعناصر مهمة وبهامش خطأ ضئيل مقارنة بالبشر. كما أنه لاينسى الخبرات السابقة التي مرت عليه ويتعلم منها، هذا في شكله المثالي. مثلاً، لو أن لدينا نظام مركزي إلكتروني للملفات الصحية في المملكة Electronic Health Record EHR، فإنه يمكن للآلة أن تقارن بين كل الملفات الموجودة المشابهة لملف محدد. والذي سيساعد الطبيب في اتخاذ القرار الأنسب. ويمكن أن تكتشف الأوبئة المنتشرة حالياً وبسرعة كبيرة وخلافه.
لكن ياترى ماهي الاستخدامات المختلفة للذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي؟
في الحقيقة هناك عدد كبير من الأبحاث في هذا المجال، ولعل أكثر هذه الأبحاث تكون في المجالات التالية:
- الكشف على المريض
يمكن أن تسهم الآلة في الكشف على المريض وذلك بإدخال الأعراض ونتائج التحاليل للنظام، وتقوم الآلة الذكية بتحديد المرض أو مجموعة محتملة من الأمراض بمستوى ثقة محدد Level of confidence. هنا يمكن أن نستخدم عدة مصادر معرفية لإمداد الآلة بالمعرفة. فمثلا، النظام الالكتروني للملفات الصحية EHR سيكون أحد أهم المصادر. كما يمكن تلخيص المعرفة التي لدى الأطباء والممارسين الصحيين في قاعدة معرفة Knowledge Base لتكون مصدر معرفة إضافي للآلة. كما أن قواعد المعلومات الطبية والأبحاث والمدونات الطبية الموثوقة قد تكون مصدر معرفة تستخرج منها الآلة كثير من المعرفة.
- التنبؤ بالتطورات المرضية واحتياجات المريض
التطورات المرضية كأن يصاب مريض الضغط أو السكري بأمراض القلب أو الفشل الكلوي تكلف القطاع الصحي في كل دول العالم الكثير. كذلك الأمر بالنسبة للتنويم وإعادة التنويم للمريض فهي مكلفة بشكل كبير وترهق القطاع الصحي. هناك إمكانية بالتنبؤ بالتطورات المرضية أو التنويم باستخدام الذكاء الاصطناعي والتي قد تساعد القطاع الصحي في توفير جهود كبيرة وميزانيات عالية. كما أنها ستسهم في تحسين حياة المرضى.
- التنبؤ بالقابلية للمرض
هناك أشخاص كثر لديهم القابلية للمرض أكثر من غيرهم. هنا يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تحديد هؤلاء الأشخاص بدقة عالية. وعندها يمكن للطبيب المختص التدخل باكراً لتلافي المرض أو على الأقل تأخيره وتقليل مضاعفاته.
- العلاج
يمكن للذكاء الاصطناعي محاكاة ونمذجة كثير من النماذج البيولوجية التي تساعد في محاكاة التطور المرضي بعد تطبيق نوع محدد من العلاج. وهذا يساعد تطوير أدوية أكثر فاعلية واختصار أوقات التطبيق المخبري. كما يمكن أن يكون العلاج مصمم للشخص المريض بشكل خاص Personalized Treatment ويتغير بتغير المريض.
- معالجة الصور الطبية
يقضي كثير من الأطباء أوقات طويلة في دراسة ملفات المرضى وتشخيص حالاتهم المرضية والاطلاع على الصور الطبية والأشعة. يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي في معالجة هذه الصور وتحليلها واختصار وقت الطبيب بتوضيح أماكن الاشتباه بالمرض أو المواقع التي يحتاج الطبيب التركيز عليها في الصور.
- إجراء العمليات الحساسة والمساعدة في التخطيط لها
هناك عدد كبير من العمليات الجراحية تستغرق أوقات طويلة جدا وتحتاج جهد كبير من الأطباء والطواقم الطبية للتخطيط لها. وقد تحتاج قدر عالي من التركيز والاستقرار الجسدي والذهني وقت العملية. في مثل هذه الحالات يكون الذكاء الإصطناعي ذو فائدة كبيرة في إجراء العملية إما كأداة رئيسية أو أداة مساعدة للطبيب.
قد يكون هناك مجالات أخرى كثيرة غير هذه تستخدم في المختبرات الطبية والتأمين الطبي أو التعليم الطبي لكن لن يتسع المجال لذكرها هنا.. وسنتطرق لبعضها مستقبلاً بإذن الله، خاصة فيما يخص التعليم الطبي.